الحريري ينتظر مشاورات “السفارة” وموعد الانتخابات لحسم خياراته
مصدر "المستقبل": الخطر الأمني سبب غياب "الشيخ" وتحالفاتنا عالـ"قطعة"
لا يُحسد الرئيس سعد الحريري على ما آلت إليه أوضاعه الراهنة على الصعد السياسية والمالية والشخصية والعائلية؛ فـ”ولي الدم” الذي قاد حركة “14 آذار” بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، بات اليوم “لاجئاً سياسياً” في الإمارات، يبحث عن مخارج لأزماته المتعددة وتمويل ينقذه من مآزقه ويعيده الى المشهد السياسي والانتخابي، بعدما أُقصي عنه لأسباب عدّة داخلية وخارجية.
يُحيط الحريري ظروف إقامته في الإمارات وأسباب غيابه الطويل عن لبنان وانكفائه عن عيون الإعلام والتصريحات السياسية كتمان شديد؛ أما في بيروت، فيسود غموض في بيت الوسط حول ما ينوي “الشيخ” القيام به في المرحلة المقبلة، وما يحمله في جعبته من توجيهات أو مشاريع على الصعيدين السياسي والانتخابي.
ينتظر المستقبليون وحلفاء الحريري، بحسب ما تقول أوساط مستقبلية لـ”أحوال”، أي رسالة من أبو ظبي أو تصريح منه يثلج قلوبهم ويحمل إشارة ما حول كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة. فمعظم الأحزاب والقوى السياسية، ما عدا “التيار الأزرق”، “زيّتت” ماكيناتها الانتخابية تمهيداً لخوض الاستحقاق -إن حصل- أكان في آذار المقبل أو أيار، مع استبعاد أكثر من مصدر حصوله في آذار لوجود تعقيدات قانونية ودستورية بسبب الطعن النيابي ببعض بنود قانون الانتخاب.
إلا أن الأوساط تؤكد أن “الحريري لن يحسم مسألة ترشحه للانتخابات أو تأليف لوائح انتخابية، ولن يبدأ التفاوض في التحالفات قبل البت النهائي بالطعن النيابي وتوقيع رئيس الجمهورية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتحديد موعد الانتخابات، وبالتالي يكون للحريري متسعاً من الوقت لحسم هذه المسائل”.
وترفض المصادر الربط ما بين عودة الحريري الى المشهد الانتخابي والسياسي من جهة، وبين غضب “المملكة” عليه ورفض تبنيه سياسياً ومالياً وانتخابياً من جهة أخرى، معتبرة أن “الرياض دارت ظهرها للجميع ولم تعد مهتمة بلبنان أصلاً، وموقفها لا يتعلق بالحريري حصراً”.
وفي مقابل اتهام مصادر عدّة تيار المستقبل بتحريك الشارع منذ أيام مستغلاً ارتفاع سعر صرف الدولار، لتوجيه رسالة سياسية للداخل والخارج بأن الحريري لا يزال الرقم الصعب على الساحة السنية، تشير الأوساط المستقبلية الى أن “الحريري لا يحتاج الى الشارع لتوجيه الرسائل وإثبات الذات، فلا يزال يملك الثقل الشعبي الأكبر لدى السنة، مع التسليم بتراجع شعبية معظم الأحزاب لا سيما تلك التي شاركت بالسلطة”.
ويؤكد مصدر في تيار المستقبل لموقعنا أن “التيار سيشحذ قواعده الشعبية فور تلقي رسالة من الحريري، وسيخوض الانتخابات وفق تحالفات سيغلب عليها الطابع المصلحي، أي على القطعة، ولن يتقيد بالتحالفات التقليدية مع الحلفاء في 14 آذار، كون أطرافه نسجوا تحالفات وفق مصالحهم ولم يلتزموا بالتحالف معنا في الانتخابات السابقة ولا في الموضوع الحكومي”.
ويعزو المصدر سبب غياب الحريري وإقامته شبه الدائمة في الامارات، لأسباب أمنية، كاشفًا أن “الحريري من الشخصيات السياسية التي تلقت تحذيرات منذ فترة وجيزة من جهات أمنية بأخذ الاحتياطات اللازمة خوفاً من عمليات اغتيال لتفجير الساحة الداخلية أمنياً”. إلا أن مصادر “أحوال” تكشف أن سبب وجود الحريري في الامارات هو مالي، وهو كان طلب من قيادة الدولة الإماراتية تمويل استثمارات له في الامارات ودول أخرى لها المونة عليها، لإعادة تعويمه مالياً، وهو ينتظر القرار النهائي بهذا السياق لكي يعلن ترشحه للانتخابات، علماً أن المصادر تشير إلى أن “الامارات نصحت الحريري بعدم الترشح للانتخابات والابتعاد عن المشهد السياسي في الوقت الراهن، الى أن تحدث تغيرات في المشهدين الإقليمي والدولي تؤدي لإسقاط “الفيتو” السعودي عنه وعن لبنان، ما يتيح له فرصة العودة بقوة أكبر الى الساحة السياسية الداخلية”.
ولفتت المصادر الى أن “الامارات لم تتجاوب مع الحريري بموضوع الدعم المالي أكثر من فتح مكتب استشارات مالية يؤمن له بعض التمويل الذاتي، لكن ذلك لا يكفيه لعودة قوية الى لبنان قبل الانتخابات”. فالامارات وفق المطلعين، ورغم أنها تساير الحريري أكان بتأمين “مأوى عائلي” أو بـ”تسهيلات في البيزنس”، لكنها لن تتخذ قراراً منفرداً تستفز فيه السعودية التي لا تزال ترمي “الحرم السياسي” على ابن المملكة “الضال”.
وتشير مصادر على صلة بالنقاشات الداخلية للحزب المستقبلي، إلى أن “رئيس المستقبل يواجه عدة عقد: تخلي السعودية والخليج عموماً عنه، و”شبح” شقيقه بهاء الحريري الذي يحوم في مخيلته بشكلٍ دائم في ظل نمو حركات المجتمع المدني، إذ يخشى سعد الحريري من أن يؤدي غيابه عن الساحة السنية وظروف سياسية وإقليمية ما، لتسلل شقيقه بهاء الى عقر الدار السني المستقبلي، ويتحول شيئاً فشيئاً الى وريث للحريرية السياسية.
وينتظر الحريري، بحسب المطلعين، الموقف الأميركي والسعودي بشأن التحالفات النيابية وما يبتغون من أهداف من هذه الانتخابات، فهل سيعملون على توحيد أحزاب “المستقبل” و”القوات اللبنانية” و”الحزب الاشتراكي” و”الكتائب” في جبهة نيابية واحدة، أم لا؟
معلومات “أحوال” تشير الى أن السفارة الأميركية في بيروت تجري مشاورات مكثفة مع قيادات سياسية تعد حليفة لها، على رأسهم وليد جنبلاط وسمير جعجع، حول تأليف جبهة نيابية في اطار المشروع الأميركي الحالي، لانتزاع الأغلبية النيابية من قبضة “حزب الله”، وتوقعت المصادر أن يتم إغراء الحريري ببعض الدعم المالي والسياسي مقابل خوضه الانتخابات الى جانب القوات والاشتراكي وقوى المجتمع المدني، إلا أن عقبات عدة تحول دون ذلك، منها: الرفض السعودي للحريري أصلاً، والعلاقة المتردية مع “القوات”، فضلا عن تضارب المصالح بين هذه القوى نفسها.
وتخلص المصادر بالقول إن القرار الأميركي سيحسم عنوان المعركة الانتخابية، وبالتالي التحالفات في نهاية المطاف، فهل سيوحدون جبهة 14 آذار والمجتمع المدني ضد “حزب الله” وحلفائه، أم سيتم إنشاء جبهة من “القوات” والمجتمع المدني لتقليص نفوذ الأحزاب وخلق أكثرية جديدة صافية للأميركيين؟
محمد حمية